بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
إسم القصة سحابة حب
في ليلة غائمة خرجت في نزهة إلى شاطئ البحر كانت الأجواء ماطرة والمكان خاليا من البشر
جلست تحت ظل شجرة من أشجار الزينة وأخذت أنظر إلى تلك السحب وأتفكر في عظمة الله وقدرته التي لا تحد وبينما انا كذلك وإذا بي أرى سحابة ناصعة البياض في وسط تلك السحب القاتمة تسير ببطء شديد حتى إذا ما اقتربت مني أبرقت وأرعدت ومن ثم تساقط منها بلورات ثلجية تشبه اللؤلؤ في جمالها
ذهلت حينما شاهدت ذلك المنظر وما هي إلا لحظات وإذا بنور خاطف قد غشا بصري لم أنتبه إلا وأنا جالس على ظهر تلك السحابة فأخذت ترتفع بي شيئا فشيئا إلى أن بدت لي الأرض وكأنها قمرا يضيء السماء بقيت مذهولا من من عجيب ما أرى وخائفا من أن أسقط في مكان أجهله وعالم لا أعرفه وبينما أنا كذلك وإذا بصوت يناديني
أخي العزيز
أتعرف من أكون ؟
قلت: ومن أين لي أن أعرف؟
كل ما أعرفه عنك أنك سحابة غريبة ليس لك شبيه بين السحب
قالت وكيف عرفت ذلك ؟
أجبتها من خلال لونك الناصع البياض والذي ميزك عن السحب التي كنت جزءا منها وقطرات الماء التي هطلت منك شبيهة باللؤلؤ المكنون الذي يأخذ بالأبصار وبرقك الخاطف والذي جاء بي إليك لتحمليني على ظهرك وتذهبي بي إلى مكان لا أعلمه في هذا الكون الواسع
قالت أخي صداح
إعلم بأني شقيقتك
أسميت نفسي سحابة حب لأكون خير وسيلة للوصل بك إلى مكان إقامتك الجديد وهو من أجمل الأماكن في عالمك هذا
قلت لها وكيف ذلك ؟
لا يوجد مكان خارج الدنيا بهذا الجمال إلا جنات الخلد التي خلقها ربي للمؤمنين الذين يعملون لله مخلصين
وأنت الآن قد خرجتي بي عن عالم الدنيا
ولا أعرف إلى أين يكون مآلي ؟
قالت لقد صدقت
فأنا مأمورة بأن آخذك إلى عالم البرزخ حيث نعيم الله الذي أعده لك
إستغربت من كلامها ومن ثم سألتها
كيف تذهبي بي إلى عالم البرزخ وأنا حي أرزق على أرض الله
قالت ومن قال لك أنك لا زلت حيا ؟
إعلم بأن الله أخذ روحك منذ اللحظة التي خيل إليك فيها أني تلك السحابة الغريبة التي أغشت بصرك ببريق نورها
وإن شئت أن أريك جسدك فأنا في خدمتك
قلت لها لا أريد ذلك
ثم سألتها
وما العلة في إختيارك للذهاب بي إلى ذلك العالم ؟
أجابتني
لأني أحبك حبا شديدا فأنت أخي العزيز وشقيقي الأكبر
حيث بك عرفت للحياة معنى
فجميلك لا يحصى وحبك لا ينسى
لذا دعوت ربي أن يحسن خاتمتك ويجعلني رفيقتك إلى عالم البرزخ لأكون في خدمتك وأنظر إلى نعيم الله عليك وألتمس من ذلك نعيما يغنيني عن نعيم الدنيا
فاستجاب ربي دعائي وبدأ بأخذ روحي لأكون تلك السحابة التي تحملك إلى عالمك الجديد وتكون بجانبك وعنك لا تحيد تلتمس الخير وتحظى بنعيم هذا العالم الجميل
نعم أخي صداح
هذه هي حكايتي وهذه هي نهايتي
فهل أعجبتك حكايتي
وأسعدتك مرافقتي لك
أم لك تحفظ على ذلك ؟
قلت لها
أختي العزيزة
من يكون أسعد مني وقد ضمنت نعيم الله وبرفقة أخت صالحة وشقيقة فاضلة بإخلاصها في عملها صارت لي خير مركب وبحبها لخالقها جاءت بي إلى خير مسكن
أحمد الله على ما أنعم وأثني عليه بما قدم وأشكره على ما ألهم
وقبيل أن تهبط بي إلى ذلك العالم الجديد والغريب علي وجهت إليها هذا السؤال
أي الأخوات أنت ؟
أجابتني أصغرهن سنا
وما هي إلا لحظات وإذا بي أرى نفسي في عالم يحوي جمالا لم أعهده في حياتي الدنيا حيث الأنهار الجارية بمياه لم أر نظيرا لها في تلك الدار وأشجار تتلألأ بجميل الثمار وكأنها مصابيح تنير ما حولها أما تراب ذلك العالم يلمع كما الدرر المتناثرة ومبانيه مرصعة بالجواهر والياقوت وكأنها تسر من يقيم فيا ورأيت غلمان تنتشر في كل بقعة من بقاعه تحمل في أيديها أكوابا وأباريق تلمع كالذهب الخالص بل أجمل وكلما إلتفت إلى ناحية رأيت وجوها مسفرة ضاحكة مستبشرة حديثها السلام وتتعامل مع بعضها بالوئام هانئة العيش متقلبة في نعيم الله مستقرة في رحمة الله ورضوانه لايمسها نصب ولا مرض ولا تشعر بجوع ولا عطش منغمسة في نعيم الله معزوزة بعزة الله مجاورة لأنبياء الله قريبة من أولياء الله
لقد ذهلت لهذا الجمال وتمنيت أن يكون قدومي إلى هنا من زمن بعيد
وبينما أنا سارح بفكري في روعة ذلك العالم وجماله
وإذا بسؤال يقرع مسامعي
أتحب أن تعود إلى حياتك الأولى وتختار ما تشاء فيها من النعيم
أم تفضل الإقامة في هذا العالم الجديد
أجبت إن وقفتي هذه والتي انظر فيها لمجرد النظر إلى جمال هذا العالم وما يحويه أحب إلي من الدنيا وما فيها
نعم هذه قصتي قد نسجتها في مخيلتي وصغتها بحروفي لتصل إليكم أيها الأحبة راجيا بذلك رضا الله عني واستمتاع من يفتح صفحتي ويقرأ قصتي ففيها دافعا للعمل بإخلاص وعدم الخوف من الموت فهذا سبيل كل إنسان وأمنية كل مؤمن حيث يخرج من سجن كبير إلى روضة من رياض جنات النعيم
صــ آل محمد ــداح
